معنى قوله تعالى: (والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات)
قال الله تعالى: ﴿وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥].
قال تعالى في الآية السابقة: ﴿وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الأحزاب: ٣١] والقانتون هم الطائعون الله في كتابه، والطائعون النبي ﷺ في سنته، فمن أطاع الله في كتابه وأطاع نبيه في سنته وحكمته فهو من القانتين.
قال تعالى: ﴿وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥].
أي: صدقوا الله عندما أسلموا وآمنوا، وصدقوا الله عقيدة وأعمالاً وإسلاماً، وصدقوا الله في كل ما يظهرونه، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) فالصدق سمة المؤمن ولا يليق بالمؤمن أن يكذب.
والكذب شيمة الكافر والمنافق: (علامة المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) فكان من صفة المنافق الكذب، ولا يزال يكذب حتى يكتب كذاباً.
وقد عُرف من الصحابة رضوان الله عليهم أنهم لا يكذبون، بل كان العرب في جاهليتهم قل ما يكذبون، وخاصة منهم قريش، فقد كان الرجل يفخر وهو في إسلامه أنه ما كذب في جاهلية ولا إسلام، فهذا عثمان عندما اتهمه خصومه وأعداؤه قال: (والله ما كذبت منذ عرفت الدنيا ولا مست يميني ذكري).
إذاً: صفة المؤمن الصدق.
(وقد سأل أبو ذر الغفاري رسول الله عليه الصلاة والسلام: أيزني المؤمن؟ أيسرق المؤمن؟ فكان يقول: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨] أيكذب المؤمن؟ قال: لا) فالمؤمن ليس بمعصوم في الصفات التي لا تليق به، ولكن سرعان ما يتوب إذا وقع في الخطيئة، وسرعان ما يندم عما كان منه، ولكنه لا يكذب؛ لأن الكذب ذُل وهوان، وقد قال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: ٨].


الصفحة التالية
Icon