معنى قوله تعالى: (والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات)
قال الله تعالى: ﴿وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥].
أي: الصابرين على عمل الأوامر، وعلى ترك النواهي: الذين صبروا على الطاعات فقاموا بها صلاة، وصياماً، وزكاة، وحجاً، وجهاداً، وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.
وصبروا على ترك المنكرات فلم يفعلوها.
وصبروا على قضاء الله إن أصيبوا فاستسلموا لأمر الله.
فكانوا صابرين في الطاعة، صابرين عن المعصية، صابرين على قضاء الله وقدره.
قال الله تعالى: ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥].
أي: الذين خشعت حواسهم وأركانهم لله تعالى حال صلاتهم، وحال عبادتهم، وسكنت جوانحهم ونفوسهم واطمأنت ثقة بالله وبوحدانيته وقدرته، وخشعت حواسهم وآمنت من غير شك ولا ريب بصدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله وخاتم الأنبياء والمرسلين، ما قال إلا صدقاً، وقد بلّغ ما أمره الله به، وكان الصادق في حديثه وفي رسالته وفي جميع أعماله.
فالخاشعون به خشعت له نفوسهم وحواسهم، وكانوا متواضعين لله غير متعاظمين ولا متعالين، ولا متكبرين على عباد الله مهما كان منصبهم وحالهم، فهم عبيد من عبيد الله، إن كانوا أغنياء فالغنى من الله، وإن كانوا علماء فالذي علمهم رسول الله، وإن كانوا ملوكاً ورؤساء فالملك لله والأمر لله يعز من يشاء ويذل من يشاء، والله هو ملك الملوك، وإن كانوا فقراء فليس ذلك بمسبة ولا بعيب، فهم مع ذلك مؤمنون سادة من سادات الخلق والبشر بإيمانهم وإسلامهم، فلم تقلق نفوسهم ولم تنزعج حواسهم.