تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن)
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩].
هذه الآية وما بعدها من سورة الأحزاب هي سلسلة على نسق واحد في أحكام النكاح والزواج لعموم المؤمنين ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، وآداب الأسرة والحفلات، والأدب مع رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال ربنا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٤٩].
النكاح جاء في لغة العرب بمعنى العقد وبمعنى الوطء وبمعناهما معاً، وجاء في القرآن بمعنى العقد والوطء مشتركين، وفي هذه الآية جاء صراحة بمعنى العقد فقط، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٤٩] أي: إذا عقدتم عليهن بدليل قوله بعد: ﴿ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] فهو طلاق قبل الوطء فيبقى معنى قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ﴾ [الأحزاب: ٤٩] أي: إذا عقدتم على المؤمنات عقد زواج وعقد نكاح.
وذكر المؤمنات على الغالب، ويدخل فيها الكتابية الذمية التي هي تحت ذمة المسلمين وأحكامهم، ويخطئ من يفهم أن الكتابية المباح زواجها للمسلم هي الحربية التي ليست تحت حكم المسلمين ولا ذمتهم، فالكتابية من يهودية ونصرانية أُذن للمسلم الزواج بها وهي تحت ذمة المسلمين وأحكامهم، قال هذا ابن عمر، وقاله الواقع الذي يحرص على أن يكون أولاد المسلم مسلمين.
ونرى في عصرنا الكثير ممن أباح لنفسه الزواج بهؤلاء وكلهن حربيات، وكلهن لسن تحت الذمة ولا تحت أحكام المسلمين فيعرِّض أولاده للتهود والتنصر، وما أكثر ذلك في بقاع الأرض، تجد المسلم مسلماً وأولاده يعلِّقون الصلبان في أعناقهم ويذهبون للكنائس مع أمهم، ولا يجد قانوناً يحميه ولا بلداً يدافع عنه ويؤازره، وتلك المرأة بصلتها بدولتها وسلطانها تتسلط على زوجها المسلم.