أمر الله نساء النبي بالحجاب وبيان صفته
قوله: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الأحزاب: ٥٣].
أي: إذا أردتم ما يتمتع به من آنية أو آلة أو أردتم فتوى أو سؤالاً علمياً فاسألوهن من خلف الحجاب، والحجاب يجب أن يكون كاملاً بحيث يحرم رؤية نساء رسول الله ﷺ حتى شخوصهن من وراء النقاب، فلا ترى شخوصهن ألبتة، لا بد أن يكن مستورات خلف حائط أو ستار، ولذلك أمرهن الله بعدم الخروج، ولذلك عندما ذهبت عائشة إلى الكوفة وقصدها الصلح ركبت على هودج، فكانت مستورة لا يرى منها شيء.
وفي حياة عمر رضي الله عنه ماتت سودة فأمر عمر ألا يحضر جنازتها إلا محارمها؛ لكي لا ترى جثتها تحت الكفن؛ لأنه يحرم على الرجال أن يروا من نساء النبي عليه الصلاة والسلام حتى شخوصهن وهن متسترات، ولو تحت النقاب، فالتفتت إليه أم حبيبة وكانت في أرض الحبشة فقالت له: يا أمير المؤمنين لما كنا في الحبشة مهاجرين رأيناهم يضعون النساء عند موتهن في صندوق من خشب، فلو فعلت ذلك، فأعجبت الفكرة عمر، فوضع سودة في صندوق من الخشب، ووضع الصندوق في التراب ودفنت به؛ لكي لا ترى ألبتة.
وهذه العادة أن المرأة تكون في صندوق ويحمل الصندوق الرجال ولا يرون جثة المرأة، لا تزال في المغرب إلى اليوم منذ ألف وأربعمائة عام، منذ عهد المؤسس الأول للدولة الإدريسية: إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي، وفاطمة عليهم السلام، وأخذ هذه العادة من الحجاز، وهو مدني أخذها من المدينة المنورة، ولا تزال هذه العادة هنا كذلك، ولكن لا أدري هل تدفن بصندوقها أو إنما توضع على النعش كذلك مستورة ولا تدفن في صندوقها؟ أما المغاربة فهم أكثر اهتماماً بهذه السنة لأمهات المؤمنين.
وقوله: ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣] أي: أطهر أكرم وأشرف وأبعد عن الريبة والسوء والأطماع، سواء كان هذا في الحياة النبوية أو بعده، خاصة وستذكر المعاني المسندة لهذا في آخر الآية.
بعد أن نزل الحجاب قال البعض: لماذا نحجب عن بنات عمنا وعن بنات عشيرتنا؟ لو مات رسول الله لتزوجنا عائشة وكل صار يقول كلاماً، فحرم الله الكلام معها ومع غيرها من أمهات المؤمنين، قال تعالى: ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣] أي: أطهر لقلوب السائلين والرجال المتكلمين، ومن تكلم معهن من أمهات المؤمنين أطهر وأبعد عن الريب والقيل والقال.