تفسير قوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة)
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [الأحزاب: ٥٧].
أما إذاية الله فكانت بجعل الولد والصاحبة له، كما زعمت اليهود والنصارى، فقد أخبر الله عنهم بقوله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨] وغير ذلك من صور الإيذاء.
أما إذاية رسول الله عليه الصلاة والسلام فكانت بإخراجه من بلدته مكة المكرمة، وبقولهم عنه: ساحر ومجنون، وبرمي رجليه بالحجارة، وبكسر رباعيته وجرح خده الشريف في المعركة، وبمخالفة أمره وارتكاب نهيه.
ومن الإيذاء: قلة الأدب مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهلا نتأدب معه؟ وهلا نصلي ونسلم عليه؟ وهلا نعظمه ونحترمه؟ وهلا نجازيه خيراً عما أكرمنا الله به على يده من إيمان وإسلام.
وقد قال عليه الصلاة والسلام لـ علي: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس) فكيف بمن هدى الله على يديه هؤلاء البشر جميعهم من عاصروه ومن جاءوا بعده إلى عصرنا؟! فهو ﷺ صاحب الفضل الأكبر في إيماننا وإسلامنا واتباعنا له، فكان ذلك موجباً علينا الأدب معه، والصلاة عليه، والتزام احترامه صلى الله عليه وعلى آله.
وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ [الأحزاب: ٥٧].
أي: طردهم الله من رحمته، فهم في دنياهم كفرة تحت ذل المؤمنين واستعبادهم، وفي الآخرة هم في النار خالدين فيها أبداً، إن ماتوا على نصرانيتهم وعلى شركهم ويهوديتهم، إن لم يتوبوا قبل الموت ويتوب الله على من تاب.
وقوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [الأحزاب: ٥٧] أي: هيأ وأوجد لهم العذاب المهين في الدنيا من الذل والاستعباد، ومن حبهم وعشرتهم للكلاب والخنازير وأمثالها من القاذورات.
والعذاب المهين في الآخرة من دخول النار والخلود فيها أبداً سرمداً، ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء: ٥٦].


الصفحة التالية
Icon