تفسير قوله تعالى: (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً)
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ [الأحزاب: ٦٤ - ٦٥].
هذه الآيات تؤكد أن السائلين كانوا من المنافقين والكفار، فسؤالهم سؤال إنكار وتعجب: كيف يبعث الموتى بعد أن يصبحوا رمماً وتراباً؟ وكيف يعودون للحياة مرة أخرى؟ فبين الله لهم وأمر نبيه ﷺ أن يبين لهم، وهو الذي جاء عليه الصلاة والسلام ببيان ما يجهلون.
فقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ﴾ [الأحزاب: ٦٤] أي: طرد هؤلاء المستنكرين لأمر الله وأمر رسوله من رحمته.
وقوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ [الأحزاب: ٦٤] أي: هيأ لهم يوم القيامة ناراً متسعرة ملتهبة محرقة مدمرة، كلما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب.
قال تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الأحزاب: ٦٥] أي: ناراً مستعرة ملتهبة محرقة خالدين فيها أبد الآباد، لا أموات فيستريحون ولا أحياء فيرجون، هم أحياء بالحركة والشعور والحس، وهم أموات بالعذاب والمحنة التي هم فيها، ماتوا من الراحة ومن الرحمة ومن الرضا شأن أمثالهم من الكافرين والمنافقين.
ويوم القيامة يؤتى بالموت في صورة كبش فيذبح، فيقال لأهل الجنة: خلود لا موت بعده، ويقال لأهل النار: خلود لا موت بعده.
وهذا من المعلوم بالدين بالضرورة، لم يختلف فيه مسلمان في الأرض.
وقوله: ﴿لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ [الأحزاب: ٦٥] أي: هؤلاء على جبروتهم وطغيانهم واستيلائهم على المؤمنين وتعذيبهم لهم، وتظاهرهم بالتأله والطغيان، فهؤلاء الطغاة عند الموت يرمون في حفرة لا يجدون لهم من أوليائهم ومن أقاربهم، من أنصارهم، ومن جندهم من يستغيثون به، ومن ينصرهم.
يوم القيامة يقول الله جل جلاله عند فناء الكون: أين ملوك الأرض؟ فلا جواب، فيجيب نفسه جل جلاله بنفسه فيقول: أنا ملك الملوك.
وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن من أسماء الله: ملك الملوك، ونحن نرى من تلقب بملك الملوك كيف يذل ويهون، وكيف يصبح ألعن من خنزير وأذل من كلب وأذل من شاة، بل الشاة أشرف منه.