تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله)
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ٧٠].
أي: هذا البدوي الذي قال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، قد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحذروا أيها المؤمنون واتقوا الله من مثل هذا القول، واتقوا الله من المخالفة والمعصية، واتقوا الله من فعل المنافقين والكافرين.
وقوله: (وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).
والقول السديد هو القول الصواب، والقول الحق، وأحق ما يقال في السداد والقول الصواب: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويأتي بعدها كل الأحكام والأركان والآداب والفرائض والحلال والحرام.
(وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) أي: آمنوا بالله رباً، وبالقرآن إماماً، وبمحمد نبياً، وبالإسلام ديناً.
قال الله تعالى: ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧١].
أي: قولوا القول السديد والقول الحق والصواب، ولا تقولوا قول المنافقين والكافرين، وإن أنتم قلتم القول السديد وفعلتموه يصلح الله أعمالكم، ويصلح بالكم، ويصلح لكم ما تريدونه من طاعة لله ورسوله.
فقوله: ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٧١] أي: أن أعمالكم تكون صالحة، وتكون حسب رضا الله وحسب رضا رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (يُصْلِحْ) مجزوم على أنه جواب الأمر.
وقوله: (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ): ما فعلتموه عن جهالة عن نسيان أو خطأ مع القول النجيب مع الإيمان والإسلام يغفره الله لكم، ويمحوه الله من صحائف ذنوبكم، ولا يحاسبكم عليه؛ مغفرةً ورحمةً بكم.
وقوله: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) أي: من يطع الله يكن مؤمناً مطيعاً، ومن يطع رسوله، فيما أمر به، ويطعه فيما نهى عنه، ويطعه في التأسي به على أنه الأسوة العظمى والإمام المتبع صلى الله عليه وعلى آله.
وقوله: (فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أي: فاز بالجنة وهو فوز عظيم، وفاز برضا الله وهو شيء عظيم، وفاز برحمة الله ومغفرة ذنوبه وهو الفوز وهو النجاة، وهو أكبر من نجاحات جامعات الدنيا، وأكبر من كل كبير في الأرض، فمن فاز وهو مطيع لله ومطيع لرسوله فقد فاز الفوز العظيم، وفاز برحمة الله ورضاه ودخول الجنة، ثم رؤية الله جل جلاله في الجنان، جعلنا الله من أهلها، وأكرمنا بذلك فضلاً منه وكرماً.