تفسير قوله تعالى: (قل إن ربي يقذف بالحق)
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [سبأ: ٤٨].
أي: قل يا محمد: إن ربي جل جلاله يقذف بالحق، بمعنى: يرمي بالحق، فيضرب كل داعية للباطل بخسار في الدنيا والآخرة.
والحق هو القرآن الكريم، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وما كان من الله فهو حق.
والله جل جلاله يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول لهؤلاء: إن الله يقذف ويرمي باطلكم بالحق وهو الدليل والبرهان واليقين الذي لا شائبة فيه ولا مرية ولا ريبة، فمن جاء بالحق فله الحق، ومن جاء بالباطل فعليه ما على الشيطان وأتباعه من عذابه وسعيره، ومن عذاب دائم في جهنم.
﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [سبأ: ٤٨] أي: أنا عندما أمرتكم بما أمرتكم به لا علم لي بالغيب ولا أحد يعلم الغيب إلا الله وحده المنفرد به، وهذا الغيب هو غيب الله، وهو الذي يعلم كل شيء جل جلاله، فأمرني بتبليغ رسالته وبتبليغ كتابه، وأمرني بأن أدعوكم إلى أن تدعوا الباطل والفواحش كلها، وتتمسكوا بالحق ومحاسن الأمور ومعاليها كلها.
فالله جل جلاله هو الذي أطلعني من غيبه على ما أطلعني فجعلني نبياً ورسولاً، وأوحى إلي بالحق وهو القرآن الكريم؛ لأدعوكم إليه ولما جاء فيه، وإلا فأنا لا أعلم الغيب من ذاتي، ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن: ٢٦ - ٢٧].