تفسير قوله تعالى: (يس)
قال الله تعالى: ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ [يس: ١ - ٦].
قوله تعالى: (يس)، قال مالك: هو اسم من أسماء الله تعالى.
وقال غيره: معناه: يا إنسان! وقال غيره: معناه: يا رجل! وقال غيره: معناه: يا سيد البشر! وقال غيره: معناه: يا محمد! وقالوا: هو من الأحرف المقطعة: ياء وسين، كألف لام ميم، ولا يمكن البت بمعنى من هذه المعاني؛ لأنها ليس لها مرجع من كتاب ولا سنة، وعلى أي اعتبار فهي آية كريمة لكل حرف منها عشر حسنات.
قال تعالى: ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ٢ - ٣].
يقسم الله جل جلاله بكتابه القرآن الحكيم، والحكيم: الصواب، أي: الموضوع والمنزل في مكانه قولاً وعملاً، فليس فيه إلا صواب وحق، وقد نزل منازله.
يقسم الله في كتابه على أن نبيه محمداً ﷺ ممن أرسله سبحانه ليبلغ عنه، فقد أنزل عليه كتابه، وجعله النبي الرسول الخاتم، وجعل شريعته للأبد، وأرسله للمشارق والمغارب والعوالم كلها.
قوله تعالى: ((إِنَّكَ)) الكاف كاف الخطاب، وفيه دليل يستأنس به على أن (يس) معناها: يا محمد! يا سيد البشر! لأنها ذكرت في هذه الآية الكريمة ثم أعقبت بكاف الخطاب، فكأنه يقول: يا محمد! ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ٢ - ٣]، لا كما يقول الكافرون الجاحدون المنكرون لرسالتك، والمنكرون لنبوءتك، فالله يؤكد نبوءته مقسماً عليها.
ثم قال: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يس: ٤]، أي: وإنك على الصراط الصواب، وعلى الصراط الحق، وأنك على طريق لا اعوجاج فيها، وأن ما جئت به هو الحق المبين من الحق جل جلاله.
قال تعالى: ﴿تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ أي: نزلنا هذا الكتاب تنزيلاً، فتنزيل: مفعول مطلق، أي: تنزيل الله الجليل العظيم، العزيز الذي لا يغالب، بل من اعتز به عز، وإنما العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون.