تفسير قوله تعالى: (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً)
قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ﴾ [يس: ٨].
هؤلاء عندما أصروا على الكفر خالطت الظلمات شرايين أجسامهم وخلايا ذواتهم، فكانوا بذلك كالمغلولة يده إلى عنقه، لا يستطيع تحريكها ولا رفعها، فلا يستطيعون إيماناً، ولا إسلاماً ولا طاعة.
والأغلال: جمع غل، وهو الحديد الذي يكون في العنق.
وقوله: ((إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ))، أي: إلى مكان اللحية أو الذقن، فكانت أيديهم مربوطة إلى هناك ورءوسهم مرتفعة، لأن المقمح رافع الرأس، لكونه لا يستطيع أن يحني رأسه؛ لأنه قد ربطت يداه في غله مع عنقه، فأصبح لا يستطيع تحريكاً، فلا يضع رأسه وينظر إلى الأرض، ولا تنزل يده فيتحرك، فأصبح مغلول اليد والعنق، ومن هذا الباب قوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ [الإسراء: ٢٩].
فالإشارة في جعل الأغلال إلى العنق، أي أن اليد ربطت بالأغلال إلى العنق والذقن فأصبح رأسه مرتفعاً لا يستطيع حراكاً ولا يستطيع أن ينظر إلى الأرض؛ لأن اليدين ربطتا إلى العنق بسلاسل، فهو لا يستطيع حراكاً، فحال هذا كمن غلت إرادته، وغل قلبه عن أن يهتدي ويؤمن بالله أو أن يقول كلمة التوحيد، كما يغل الأسير بيديه إلى عنقه فلا يستطيع حراكاً.