تفسير قوله تعالى: (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله)
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ [مريم: ٤٩].
أي: ما سلبه إلا ليعطيه الحكمة، فسلبه أباه وأهله وعشيرته وبلدته، وعوضه الله أرض الشام المقدسة.
وكان قد بلغ عمر إبراهيم مائة وعشر سنين، وبلغ عمر زوجته تسعين سنة، فرزقه الله جل جلاله الولد والحفيد وهو لا يزال حياً، فرزقه أولاً من هاجر إسماعيل، ورزقه بعد ذلك إسحاق، ثم جعل يعقوب نافلة من إسحاق ﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ [مريم: ٤٩].
فالله أحاط إبراهيم بمجموعة من الأنبياء من سلالته، ففي حياته رزقه إسماعيل الجد الأعلى لنبينا صلى الله عليه وسلم، وشريكه ومعينه في بناء الكعبة المشرفة، ورزقه بعد ذلك إسحاق من زوجة أخرى، ثم رزقه حفيداً من إسحاق وسماه يعقوب، فعند اعتزالهم والبعد عنهم أكرمه الله بالذرية الصالحة وجعل فيها النبوة والكتاب.
قوله: ﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ [مريم: ٤٩] التنوين في (كلاً) لغةً ونحواً يقال له: تنوين العوض، والمعنى: عوض عن كلمة، والمعنى: كل ذريته جعلهم الله أنبياء ورسلاً مكرمين.


الصفحة التالية
Icon