تفسير قوله تعالى: (قيل ادخل الجنة)
قال تعالى: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ [يس: ٢٦ - ٢٧].
فقد كان هذا الشهيد داعياً إلى الله في حياته وبعد موته، وقد كان يقول وهم يعذبونه ويمكرون به: (اللهم اهد قومي، اللهم أصلح قومي)، فعندما أفضى إلى ما قدم قيل له: ادخل الجنة، قيل: إنه انفصلت روحه عن جسده، فأصبح في الجنة مع ﴿الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩]، فعندما دخل الجنة وتمنى أن يعلموا حقيقة ما ظنوا فيه السوء، فقال: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ [يس: ٢٦ - ٢٧]، أي: من الذنوب السابقة، والرسول ﷺ يقول: (الإسلام يجب ما قبله).
فقوله: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ [يس: ٢٦ - ٢٧] أي: بالذي غفر لي ربي معه لتوحيده، وللإيمان بأنبيائه، فلا أشك بما أتوا به.
قوله: ﴿وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ [يس: ٢٧].
أي: أكرمني بالمغفرة، وأكرمني بدخول الجنة بلا حساب ولا عقاب، ولكن قومه لم يعلموا ذلك، ولو علموا لكان سبباً لهم في مسيرة خلودهم، وفي دخلوهم إلى الجنات.
وقال ابن عباس: لقد كان حبيب النجار يسكن خارج القرية، فلما سمع بالأنبياء جاء إلى أهل القرية ودعاهم إلى توحيد الله وعبادته.
فقوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس: ١٣]، ضربه الله مثلاً للذين يدعون قومهم وعشيرتهم، وعلى رأسهم رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو مثال لكل داعية، فقد كان صلى الله عليه وسلم، يدعو الناس إلى الإيمان بالله، والإيمان بكتبه، والإيمان برسله، والإيمان باليوم الآخر، والله ضرب هذا مثلاً للدعاة إلى الله.