تفسير قوله تعالى: (وما أنزلنا على قومه من بعده)
قال تعالى: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ * إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾ [يس: ٢٨ - ٢٩].
قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: وما أنزلنا على قوم هذا المؤمن الذي قتله قومه لدعائه إياهم إلى الله ونصيحته لهم (من بعده) يعني: من بعده مهلكه، ﴿مِنْ جُندٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ﴾ [يس: ٢٨].
أي: من بعد دخوله الجنة ما أنزلنا على قومه جنداً من السماء ولا ملائكة من السماء، (وما كنا منزلين) أي: وما كنا لننزلهم ونأمرهم بضربهم والقضاء عليهم، فقد كانوا أقل من ذلك.
(إن كانت إلا صحية واحدة) فقد أمر جبريل الروح الأمين أن يصيح بهم، فتزلزل بهم الأرض وماتوا.
فقوله تعالى: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٢٩]، أي: لم تكن هناك إلا صحية واحدة، فقد أمر الله جبريل أن يصيح أهل القرية، (فإذا هم خامدون)، أي: ماتوا جميعاً البتة ومضوا، وهدأت أنفاسهم وحركاتهم، فلم يبق منهم شخص قائماً.
وقد ضرب الله هذه القصة مثلاً لكل عشيرة وقبيلة وفرد إذا أصروا وفعلوا مثل هؤلاء المشركين، فإن الله سيفعل بهم مثل ذلك، ومثل ما فعل بالسابقين الأولين.