تفسير قوله تعالى: (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون)
قال تعالى: ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنقَذُونَ﴾ [يس: ٤٣].
يخبر تعالى أنه عندما تكون هذه السفن في البحار إن يشأ يغرقها بهم، ويجعلها مواجهة لبلاء إلى أن تغرق بين أمواج البحار.
((فَلا صَرِيخَ لَهُمْ)).
أي: لا من يصرخ لهم ولا من ينقذهم وينجيهم من قدرتنا وإرادتنا.
﴿وَلا هُمْ يُنقَذُونَ﴾ [يس: ٤٣].
إذا لم يُنقذهم الله ولم يخرجهم من البحر فلن يخرجهم أحد، وكما أجاب عمرو بن العاص عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عندما سأله عن البحر؟ قال: يا أمير المؤمنين! هو دود على عود (على السفن) من دخله مفقود، ومن خرج منه مولود، قال: والله لن أُركب جندي ولا جيوشي البحار ما دمت حياً.
فخاف أن ينكبهم البحر، فيكونوا دوداً على عود، وأكثر ما فتح من العالم في أيام عمر، فهو الذي فتح الشام والعراق، وهو الذي فتح فارس، وهو الذي فتح المغرب ومصر، حيث كان البر متصلاً فلم يحتج إلى البحر، ولم يكن البحر وركوبه إلا بعد ذلك.
ولو تذكر عمر رضي الله عنه قول النبي ﷺ كما في الصحاح: (ستخاض البحار بذكر الله وبلا إله إلا الله) لما منع ركوبه، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الإسلام سينتشر براري وبحاراً، جبالاً وتلالاً، وهاداً وسهولاً، صحاري وغيرها، عن طريق البحر، وقد كان ذلك كما قال عليه الصلاة والسلام، وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.


الصفحة التالية
Icon