تفسير قوله تعالى: (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم)
قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ [يس: ٦٦].
أي: لو شاء ربنا وهو القادر على كل شيء، الفعال لما يريد، والخالق لما يريد جل جلاله، لو شاء لطمس أعين هؤلاء وهم لا يزالون في دار الدنيا، ولو شاء لجعلها مطموسة فلا يعميها فقط، بل يجعل مكان العين كالجبهة، فيطمس مكانها ألبتة بحيث لا يبقى لها وجود فتصبح هناك جبهة وأنف وفم، وأما العيون فلا أثر لها.
قوله: (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) أي: أخذوا يتسابقون في الطريق، ولكن كيف يبصرونه ولا بصر لهم؟ ولا يفيدهم هنا علاج ولا طبيب، إذ لا عين يعالجها، فالطبيب لا يخلق العضو، ولكن الطبيب كالكهربائي إذا انقطعت الأسلاك ربطها بعضها ببعض، وإذا احترقت تلك الأسلاك جددها، وأما أن يأتي بالعضو الذي انتهى فيجعل له عضواً آخر فهيهات هيهات، ليس ذلك في قدرة أحد، إنما ذلك في قدرة الواحد وحده جل جلاله.
وقوله: (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) أي: كيف يبصرون؟ وبم يبصرون؟ وأما البصائر فقد كانت عمياء من قبل، وحتى الأبصار لو شاء الله لأذهبها، قال تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦].