تفسير قوله تعالى: (لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون)
يقول ربنا: ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٧٥].
فلا يستطيعون أن ينصروهم، فهم أعجز من ذلك وأقل من ذلك؛ إن كانوا لا ينفعون أنفسهم ولا يضرونها، فكيف ينفعون غيرهم أو يضرونه؟! والنافع هو الله، والله جل جلاله بيده الأمر كله، فمن هداه فقد وفقه للخير، ومن علم فساده هداه للشر.
فهؤلاء الشركاء لا يستطيعون نصر المشركين، ولا ينقذونهم من عذاب الله ومن أليم نقمته.
قال تعالى: ﴿وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٧٥].
فهؤلاء المشركون يكونون جنداً حاضرين في نصرة أصنامهم وأوثانهم وآلهتهم، وهم في ذلك واهمون كذبة، فقد توهموا أنهم سينصرونهم، وهم أعجز من ذلك.
وفسر الحسن البصري قوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٧٥] بأنه في يوم القيامة تحضر هذه الآلهة معهم، فيكون ذلك أبلغ في تعجيزهم، لأنهم ما عبدوا إلا الباطل، وما تعلقوا إلا بآلهة لا تضر ولا تنفع، فيتبرأ هؤلاء كلهم منهم ومن عبادتهم ويقولون: لم نأمرهم بأن يعبدونا، فيقول عيسى: إنما دعوتهم لعبادة الله الواحد كما أمر الله، والملائكة يقولون: كانوا يعبدون الجن، والجن تتبرأ منهم، ويقولون لهم: لم نأمركم بذلك، وإنما هو كلام سمعتموه فاتبعتموه فعبدتم بأهوائكم ونوازعكم ونزغات العقول منكم، والكل يومئذ يتبرأ منهم، فحضور تلك المعبودات للبراءة منهم زيادة في حجة الله البالغة عليهم.
وأما الجمادات فإن حضورها لأجل أن يشعر هؤلاء إذ ذاك بضلالهم ويندمون، ولات حين مندم، فيعلمون أنه ليس بيدها شيء، وأنها لا تنطق ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع.
ورجح هذا الرأي الثاني الإمام ابن جرير شيخ المفسرين والمؤرخين.