تفسير قوله تعالى: (فلا يحزنك قولهم)
قال تعالى يخاطب نبينا عليه الصلاة والسلام: ﴿فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [يس: ٧٦].
أي: فلا يحزنك -يا رسول الله- قول هؤلاء عنك: إنك كاذب، وإنك مجنون.
وإنما يحزن النبي عليه الصلاة والسلام ذلك ويؤلمه من أجلهم، كما قال ربنا له: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٣].
فلعلك مهلكها وضارها لأنهم لم يؤمنوا، ولم يهتدوا ليدخلوا الجنة، فهو حريص على هدايتنا، وحريص على إيماننا، يؤذيه عدم إيماننا رحمة بنا وشفقة بنا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام هو الرحمة المهداة من الله للبشر، وهو الذي بعثه الله رحمة للعالمين، فكان حريصاً على هداية الناس، فإذا لم يؤمنوا أحزنه ذلك صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وجزاه الله عنا أحسن الجزاء.
يقول تعالى: ﴿فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ﴾ [يس: ٧٦].
أي: لا تحزن لذلك، ولا تتألم لأقاويلهم الكافرة الجاحدة.
﴿إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [يس: ٧٦].
أي: نعلم ما يسرون من تكذيبك، ونعلم ما يعلنون ويجاهرون به من عبادة الأصنام والآلهة التي اتخذوها من دون الله، ومعنى ذلك أنه تعالى يتوعدهم بأنه سيجازيهم على أعمالهم بالعذاب الدائم المقيم، ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء: ٥٦].