تفسير قوله تعالى: (فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب)
ثم قال تعالى: ﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٢٥].
يذكر الله أن داود استغفره فغفر له ذلك الخاطر، ولا أقول: العمل، ولا يدل القرآن على العمل، ولا يدل ما روي عن النبي ﷺ -فيما صح عنه- على العمل، وإنما هي خواطر لم يفصح بها القرآن ولم يصرح بها، ولكن كان هناك ميل، فحوسب عليها فاستغفر ربه.
قال ربنا: ﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٢٥].
أي: وإن له عند ربه يوم القيامة ويوم العرض على الله لزلفى وقربى من الله، تقربه من رحمته ورضوانه وجنته، ولا يكون ذلك إلا لمن لم يفعل ما زعمه اليهود عن أنبيائهم، وإنما هي خواطر شيطانية، ولم يؤمن شيطان من شياطين الأنبياء إلا شيطان النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه آمن فلم يبق له خواطر على نفسه عليه الصلاة والسلام، ولكنها كانت للأنبياء قبله، لأن شياطينهم لم تؤمن، ولذلك تكون هذه الوسوسة، ولكن لم يكن العمل؛ لأن الله يعصمهم ويحفظهم ويكلؤهم ويكلأ رسالته.
((وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى)) أي: لقربى.
((وَحُسْنَ مَآبٍ)) أي: وحسن عودة ورجعة إلى الله يوم القيامة عندما يفصل بين الخلق إما بجنة أو بنار، فداود يعتبر من المقربين إلى الله، الممتعين برضوانه وجنته ومغفرته.