تفسير قوله تعالى: (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا)
قال الله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ [ص: ٤٣].
أي: بعد أن أكرم أيوب بالعافية وبالصحة، أحيا الله جميع نسائه اللاتي متن، فعدن شابات أحسن مما كن.
وقوله: ﴿وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ [ص: ٤٣] أي: زاده الله فوق أهله مثلهم، وكانوا بنو إسرائيل يتزوجون العشرات بل والمئات، ووهب له مثل ما كان معه من الخدم والحشم والجياد، والأرزاق، والله عنده الكثير جل جلاله.
وقوله: ﴿رَحْمَةً مِنَّا﴾ [ص: ٤٣] أي: رحمه الله بعد أن استجار واستغاث بربه.
وقوله: ﴿وَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ [ص: ٤٣] أي: ليتذكر هذا أولو العقول، ممن يبتليهم الله بالدنيا، حتى إذا ابتلاهم لا ييئسوا من رحمة الله، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٨٧].
فإذا ابتلي إنسان في جسده أو ماله أو نفسه أو غير ذلك فليقف في باب الله ولا يكل ولا يمل، ولا يقل: دعوت فلم يستجب لي، فوقت الإجابة كائن لا محالة، وقد يدخر الله له ذلك في الآخرة، فذكر الله لنا هذه القصة، وهي تسلية لنبينا عليه الصلاة والسلام، وهي تسلية وعزاء لكل مؤمن، وهي رحمة لأيوب قصها علينا، وهي ذكرى لمن جاء بعده ولمن عاصره من ذوي العقول والألباب.


الصفحة التالية
Icon