تفسير قوله تعالى: (هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب)
قال تعالى: ﴿هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٤٩].
أي: سير الأنبياء واختبارهم، وما حدث لهم مما ذكر هو ذكر وشرف لهم في الدنيا وفي الآخرة، فقد شرفوا في الدنيا وخلدت أسماؤهم وحياتهم، وخلدوا في الآخرة في الجنان، ورضي الله عنهم يوم القيامة.
وهذا الكتاب ذكر للمؤمنين، أي: تفسير لهم ليعملوا بما جاء فيه، وليكونوا على سنن الأنبياء، وبهداهم يقتدون، وعلى سيرهم يسلكون ويخلصون.
فذكر هؤلاء الأنبياء والمرسلين شرف في الدنيا والآخرة، وتذكير للناس بسيرتهم الصالحة، وبالتقوى والطاعة والعبادة وفعل الخيرات، ﴿هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ﴾ [ص: ٤٩ - ٥٠].
فمن عمل مثل عمل هؤلاء وجرى على طريقتهم، واهتدى بهديهم، واقتدى بسيرهم من المتقين والمؤمنين فلهم حسن المآب، فرجعتهم للآخرة ومآبهم حسن طيب، برضى الله، وبمغفرته، وبدخول الجنان.
وقوله: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ﴾ [ص: ٥٠] بدل من حسن المآب، أي: حسن المآب أن يدخلوا الجنان، وتفتح لهم أبوابها، والألف واللام في قوله: ﴿الأَبْوَابُ﴾ [ص: ٥٠] بمعنى الإضافة أي: أبوابها، فالملائكة تستقبلهم وقد فتحت أبواب الجنة الثمانية، وتقول لهم: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ﴾ [الزمر: ٧٣] أي: طابت أيامهم، ويسلمون عليهم، ويبشرونهم بالرضا والرحمة من الله، ولهذا فالمتقون مبتهجون فيها.