تفسير قوله تعالى: (قل ما أسألكم عليه من أجر)
قال تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: ٨٦].
أي: يا محمد يا رسول الله! قل لهؤلاء الذين غووا وضلوا، وكذبوك وكفروا: لم آتكم بالرسالة أطلب مالاً أو جاهاً أو أجراً أو سلطاناً أو نساءً أو تاجاً، وقد أرادوا ذلك بواسطة أبي طالب والنبي ﷺ يقول: (والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي على أن أدع هذا الأمر ما تركته حتى أهلك أو يقضي الله بيننا)، فقد عرض عليه كل ذلك وأبى، حتى أظهر الله دينه وكان سيد السادة وإمام المرسلين.
وكانت الجنود والأباطرة يتشرفون بقدومه وباتباع رسالته ابتداء من النجاشي عندما أسلم وآمن به، واتبع دينه، وقال: ما منعني من مجيئي إليك وأن أغسل عن قدمك إلا سؤدد هؤلاء، ولم يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بأن يترك الحبشة ليحمي المهاجرين الذين هاجروا من مكة إليه بعد أن آذتهم قريش.
وقوله: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: ٨٦]، الذين يتكلفون ما لا يعلمون، ويقولون ما لا يعلمون، أي: لولا أن الله أرسلني وأمرني لم أتكلف رسالة ولا علماً ولا أقحمت نفسي فيما لا أعلم.
قال عبد الله بن مسعود: من علم شيئاً فليعلم غيره، ومن لا يعلم فليقل: الله أعلم، فهذا نبيكم ﷺ كان يقول: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: ٨٦]، أي: لا أكلف نفسي أن أقول ما لا علم لي، وإنما أقول ما علمني ربي، فأمرني أن أقول: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: ٨٦].


الصفحة التالية
Icon