تفسير قوله تعالى: (أئذا متنا وكنا تراباً)
قال تعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ * فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ﴾ [الصافات: ١٥ - ١٩].
من خصائص الكافر: أنه لا يؤمن بيوم البعث، ولا بالحياة الثانية، فهم يستفهمون على سبيل الإنكار: كيف سيبعثنا الله وقد صرنا عظاماً ورفاتاً وعادت عظامنا رمماً؟! وعندما قالوا كما في سورة (يس): ﴿مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس: ٧٨] قال الله لهم: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس: ٧٩].
أي: فمن الذي أنشأها على غير مثال سابق؟ ولقد خرجنا إلى الوجود من العدم، فالذي خلقنا من عدم أيعجز أن يعيدنا بعد وجود سابق وهو على الله أهون، والكل عليه هين، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول: كن، فيكون.
جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام العاص بن وائل وأبي بن خلف من زعماء الكفار في مكة، وقالوا له -وقد أخذ أبي عظم إنسان وذراه في الهواء- وهو يسأل النبي سؤال الساخر: يا محمد! (أسنعود مرة أخرى؟ قال: نعم، إنك ستبعث، وستدخل النار)، وكان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فقد مات العاص بن وائل على الكفر، ومات أبي بن خلف على الكفر، وسيبعثان إلى النار، كما أخبر الله عن أبي لهب بأنه سيصلى ناراً ذات لهب، فهذا من المعجزات.
قال تعالى: (قل نعم) أي: أجب هؤلاء وقل: نعم ستبعثون بعد أن تصيروا تراباً، وبعد أن تصيروا عظاماً نخرة، أنتم وآباؤكم الأولون ومن جاء بعدهم، وتعرضون على الله للحساب، فإما إلى جنة وإما إلى نار.
(وأنتم داخرون) وأنتم صاغرون ذليلون، راغمون غير راضين.