تفسير قوله تعالى: (إنهم ألفوا آباءهم ضالين)
قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ * وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنذِرِينَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ٦٩ - ٧٤].
لا نزال في الكلام في سورة الصافات عن المؤمنين، وعن الكافرين بأصلهم، والكافرين بأنبيائهم، فقد ذكر الله لنا ما قاله عنهم، وما حل بهم من العذاب، وعن سوء مصيرهم؛ لأنهم حتى في كفرهم هم قردة ضالون، وببغاوات لا يعقلون، فكفرهم لم يكن عن دليل ولا نقاش، ولا فهم ولا إدراك، لكن كل ما صنعوه أنهم ألفوا -أي: وجدوا آباءهم قبلهم- قد ضلوا الطريق، وابتعدوا عن التوحيد، وأشركوا بالله، فكفروا برسله، وكفروا بكتبه، فاتبعوهم على ضلالهم دون دليل ولا برهان من الله، ولا من العقل والمنطق.
(فهم على آثرهم يهرعون): فهؤلاء الضالون التافهون إنما هرعوا وأسرعوا وهرولوا مجدين في الكفر تقليداً منهم لآبائهم، فعل الببغاوات والقردة، فلا دليل لديهم ولا برهان من عقل أو شرع، ولا من دليل ثابت عن نبي أو عالم.
﴿فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ﴾ [الصافات: ٧٠] أي: يهرولون، فهم مسرعون في اتباع آثارهم وأجيالهم وكفرهم وضلالهم، وآثار: جمع أثر، وهو ما وجدوا من كفر عن الآباء والأجداد دون دليل من الله ولا برهان.