تفسير قوله تعالى: (أصطفى البنات على البنين)
﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [الصافات: ١٥٣ - ١٥٥].
((أَصْطَفَى)) أي: أأصطفى، حذفت إحدى الهمزتين للتخفيف، أي: أأصطفى البنات على البنين، والاصطفاء بمعنى: الاختيار.
﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [الصافات: ١٥٤] أليست لكم عقول؟! أليست لكم أذهان؟! أليس لكم إدراك ووعي؟ من أين لكم هذا؟ ومن الذي أخبركم به؟ كيف تحكمون بأن البنات لله سبحانه، وأن الأولاد لكم؟ سبحان الله عما يقولون! ﴿أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [الصافات: ١٥٥] استفهام تقريري، أي: ينبغي لكم عندما يخطر هذا ببالكم أو تسمعونه من كافر لا يؤمن بالله أن تتفكروا في أنفسكم: من أين للقائل بهذا ما قاله؟ هل له سلطان من دليل أو حجة أو عقل أو نقل؟ بل هو الكذب والكفر والعياذ بالله.
وزعمهم أن الملائكة بنات الله وهم لم يروا ملكاً، ولكن هذا الكلام سمعوه عن أب أو عن جد فاجر فاستمسكوا به، وأشركوا مع الله ملائكته، وقالوا: هم بنات الله، فكذبوا على الله فقالوا: له بنات، وقالوا: له ولد، وكلهم قال: له صاحبة، وبعضهم قال: من الجن، وبعضهم قال: من الإنس، والكذب كثير والعقول السخيفة الضائعة الضالة أكثر.
﴿أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الصافات: ١٥٦ - ١٥٧] أي: فائتوا بهذا الكتاب الذي تزعمون أنه منزل على نبي لكم، وهذا أمر تعجيزي تقريعي توبيخي، أي: لا شيء من ذلك.
والنتيجة: أن كل هذا كذب وهراء، وكله لا أصل له ولا حقيقة، فمن يؤمن به إنما يؤمن بالأكاذيب والأضاليل، وإنما يضل عن الهدى أيصبح من المشركين عن جهل وغواية وتقليد لآباء جاهلين ضالين مضلين.