معنى قوله تعالى: (ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم)
قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الزمر: ٧].
وبعد هذه الحياة وأوامر الله لنا ونواهيه، وأوامر رسول الله لنا ونواهيه؛ يكون الموت، وبعد الموت نعرض على الله فيحاسبنا وينبئنا بما عملت أيدينا، يوم تشهد على الإنسان يده وفخذه ولسانه، حتى إذا أنكر أو كذب شهدت عليه أعضاء الجسد بأنه فعل كذا وكذا.
فقوله: (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ)، أي: نرجع إلى ربنا يوم القيامة، يوم العرض على الله.
قوله: (فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي: فيخبرنا بأعمالنا، وقد كلف الله بنا ملكين: ملكاً عن اليمين يكتب الحسنات، وملكاً عن اليسار يكتب السيئات، ويعطى الإنسان كتابه، فأما الصالح فبيمينه، وأما الضال فبيساره، وفي تلك الساعة يعلم هل هو من أهل الجحيم أو من أهل الجنة.
قال تعالى: (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) أي: عليم بما خفي من أعمالنا ونياتنا وأقوالنا وخواطر نفوسنا، فما تحدث به نفسك وما يخطر ببالك من خواطر ولم ينطق بها لسانك ولم يكتبها منك قلم، فالله عليم بها.
فما في صدورنا مما انطوت عليه وأخفته، من الخواطر والضمائر والأسرار يعلمها الله، يعلم من أضمر خيراً ومن أضمر شراً، ولكن الله جل جلاله لا يعاقب الإنسان إلا بما صنع وقال، إلا أن يكون منافقاً يظهر الكفر ولا ينطق بالإيمان، فإن نفاق العقيدة هو الشرك، بل هو أقبح من الشرك، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: ١٤٥].


الصفحة التالية
Icon