معنى قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
قال تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الزمر: ٧] من عدل الله جل جلاله وكرمه أنه لا يعاقب أحداً بذنب أحد، والوازرة: مرتكب الوزر، والوزر: الإثم نفسه.
فلا تؤخذ نفس بذنب غيرها، بل من أذنب فذنبه على نفسه، لا يذنب الولد بذنب أبيه ولا بذنب ابنه، ولا الصاحب بصاحبته، ولا الصاحبة بصاحبها، فكل مسئول عن نفسه، وهذه قاعدة عامة في دستور الإسلام.
فأولاد المشركين إيمانهم لهم، وكفرهم لهم، وكفر آبائهم وشرك آبائهم لا يضرهم.
وقد أمرنا الله بأن نربي أولادنا على الإيمان والتوحيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).
فإذا مات الأبوان ولم يربيا وليدهما على الصلاة وهو ابن سبع، ولم يضرباه عليها وهو ابن عشر، ثم شبَّ على ترك الصلاة يكون الذنب عليه، إذ يعذب تارك الصلاة من الولد والبنت، ويعذب الأبوان، ولا يعذب الأبوان بذنب ولديهما ولكنهما أمرا أن يعلماه الصلاة ويضرباه عليها فلم يفعلا، وبذلك يكون قد جنيا على أنفسهما حيث تركا ما أمرهما الله بأن يفعلاه مع أولادهما.
وكذلك العلماء إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، سئلوا عن ذلك وحوسبوا، لا لأنهم يتحملون أوزار غيرهم ولكنهم أمروا بأن يفعلوا ذلك تهديداً للناس وتعليماً فلم يفعلوا.
وقد ذم الله اليهود من قبل فقال عنهم: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: ٧٨ - ٧٩].
جعل الله عدم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ذنباً في حد ذاته، فلعنهم بذلك وعاقبهم، فالله سبحانه يقص علينا قصص بني إسرائيل لنحذر أن نسير على منهجهم حتى لا نقع فيما وقعوا فيه.
فإذا وقعنا عوقبنا عقوبتهم، وهذا الذي حدث، إذ خرجنا عن أمر الله وخالفناه، وخرجنا عن طاعة الله وطاعة رسوله، فسلط الله علينا هؤلاء الأعداء عقوبة منه، لأننا تركنا الله وكتابه وتركنا نبيه وسنته، خاصة ونحن أخذنا ندعو بدعوة الفلاسفة واليهود والملاحدة أمثال ماركس ولينين، والبهائية والوجودية والاشتراكية، وجميع الفرق الضالة المضلة.
فنحن عندما نترك الاقتداء برسول الله وخلفائه الراشدين وأئمتنا الهادين المهديين، ونسعى لطاعة اليهود وللعمل على أديانهم ومذاهبهم نكون قد استحققنا العقوبة من الله، وتزداد العقوبة عندما يظهر بعضنا العبودية لهم والتعلق بهم والتفاخر باتباعهم والعمل على ألوهيتهم وعلى طاعتهم أكثر من طاعة الله ورسوله، وتلك لعنة لعن الله بها من فعلها وسعى لها ورضيها وعمل لها ودعا إليها.
فالراضي بالمنكر والساكت سواء، والساكت عن الحق شيطان.