تفسير قوله تعالى: (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم)
قال تعالى: ﴿قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [الزمر: ٣٩ - ٤٠].
يا محمد! قل لقومك ولمن أمرت بدعوتهم للإيمان: ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ﴾ [الزمر: ٣٩] وهذا تهديد ووعيد، قل: اعملوا على دينكم وعلى مذهبكم وطريقتكم، وأنا سأعمل على طريقتي وديني كما أمرني الله.
قوله: (اعملوا)، ليس هو أمر بالعمل ولكنه ترك وإهمال ونسيان، ثم هو وعيد وتهديد، قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [الزمر: ٣٩ - ٤٠] فسوف هي للتسويف البعيد بالنسبة لهم، يعني: يوم القيامة ستعلمون من يحل عليه عذاب يخزيه في الدنيا والآخرة، فسوق تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه في الدنيا من ذل وهوان وقهر وغلبة واستعباد وقتل وأسر وتشريد وتدمير، وقد حدث كل هذا وما زال يحدث.
قال: ﴿وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [الزمر: ٤٠] فيوم القيامة عذاب دائم، عذاب مقيم لا يزول أبداً؛ فهم في الدنيا في خزي وعذاب مهين، وفي الآخرة لهم عذاب مقيم دائم، كلما نضجت جلودهم بُدِّلوا غيرها ليزدادوا عذاباً.


الصفحة التالية
Icon