تفسير قوله تعالى: (رب السماوات والأرض وما بينهما)
قال تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥] أي: ليس هو ربك وحدك، بل هو رب السماوات ورب الأرضين ورب ما بينهما من هذه النجوم التي نرى، والتي لا يحصي عددها إلا الله، ومن هذه المجرات التي تعد بالملايين، وما بين ذلك، فهو رب كل شيء سبحانه.
فقوله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [مريم: ٦٥] أي: رب كل سماء وكل أرض، ورب ما بين كل سماء وأرض.
قال تعالى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ﴾ [مريم: ٦٥] أي: لا تكل ولا تمل، بل اعبد الله حتى يأتيك اليقين، واعبد الله ما دمت حياً، واعبده بما أمرك به، ولا تكون العبادة اختراعاً أو اجتهاداً، ولا تكون بالأماني والأحلام، فقد أمرنا بخمس صلوات في أوقاتها المعهودة، فمن نقص أو زاد أو صلاها قبل الوقت أو بعده يكون متلاعباً لا تقبل منه صلاة، وما كان كذلك هو بالجهالة أو بالمستهزئين أقرب إلى صفة المسلم.
فقوله: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ﴾ [مريم: ٦٥] أي: لا تمل ولا تكل، بل قم بالعبادات والطاعات كلها، فأمر بالصلاة فعلينا أن نصلي، وأمرنا بالصيام فعلينا أن نصوم، وأمرنا بالحج فعلينا أن نحج، وأمرنا بالعطاء فعلينا أن نعطي، وأمرنا بالجهاد فعلينا أن نجاهد، وهكذا في جميع أبواب الخير.
قال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥] أي: هل تعلم لله شبيهاً يخلق السموات والأرض كما خلقها سبحانه؟
ﷺ لا، لا نعلم ولا يوجد، فليس له شريك ولا شبيه ولا ند، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤].


الصفحة التالية
Icon