تفسير قوله تعالى: (والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء)
قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر: ٢٠].
يخبر ربنا جل جلاله أنه هو الذي يقضي بالحق، فالله قضاؤه حق، وأمره حق، وهو الحق جل جلاله ولا يقضي ولا يحكم إلا بالحق، ولا يحكم إلا بالعدل، ولا يحكم بين الناس إلا لنصرة المظلوم وأخذ حقه من الظالم، والله يقضي بالحق، أي: بالعدل والإنصاف، فيحكم بين عباده يوم عرضهم عليه بالحق.
قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ)) الأصنام والأوثان هي التي يدعونها ويعبدونها ويشركون بها، فلا تقضي لهم بشيء؛ إذ هي أعجز من القضاء، وأعجز من أن تحكم، وأعجز من أن تصنع لنفسها شيئاً، فكيف بغيرها.
فهؤلاء الذين يتعلقون بالأوثان، أو بالشركاء من دون الله لا يتعلقون إلا بالسراب، ولا يرتبطون إلا بمن لا يضرهم ولا ينفعهم، وهو أعجز من أن ينفع نفسه أو يضرها فضلاً عن أن يخدم غيره ضراً أو نفعاً، إن هي إلا أباطيل وأضاليل وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.
قوله تعالى: ((وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ)) أي: من عبدهم المشركون ممن هم دون الله من الأوثان والأصنام لا يقضون بشيء، لا حقاً ولا ظلماً، لا باطلاً ولا صواباً، فهم عجزة، فهم مخلوقون أذلة لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، فكيف يملكونه لسواهم.
قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) أي: إن الله سميع لمن قال خيراً أو شراً، بصير بمن فعل خيراً أو شراً، لا تخفى عليه جل جلاله خافية، فهو البصير والعليم، وهو جل جلاله مهما حاول مشرك أو عاص أو مذنب أن يخفي شيئاً مما في ضميره ونفسه عن الله لن يكون ذلك أبداً، فالله لا تخفى عليه خافية لا في الأرض ولا في السماء، فهو السميع لأقوالنا، والبصير بأفعالنا، فمن فعل خيراً وجده، ومن قال خيراً وجده، ومن قال سوءاً وجده، ومن فعل سوءاً كذلك.
قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨].