المعجزات لا تكون إلا بإذن الله
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣٨].
أي: ما ينبغي ولن يكون أن يأتي رسول وهو رسول حقاً بمعجزة أو بآية أو بدليل أو برهان إلا بإذن الله، فهو رسول الله، والرسول لا يفعل ولا يليق به أن يفعل إلا ما أمره به مرسله جل جلاله وعز مقامه.
ومعنى هذا: أن كل ما صح عن الأنبياء من الآيات البينات، والمعجزات الواضحات، والكتب التي أتوا بها هي جميعاً كانت بأمر الله وبإذنه، ثم بدل وحرف وغير ذلك أتباع أولئك الأنبياء، فلم يبقَ من كتبهم ولا من معجزاتهم شيء صحيح البتة إلا ما ذكر في كتابنا القرآن الكريم المهيمن على الكتب السابقة، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [غافر: ٧٨].
فإذا جاء أمر الله بقيام الساعة والقيامة والبعث والنشور بعد الموت قضى الله بالحق بين أمم هؤلاء الأنبياء والرسل، وهو الحق جل جلاله، ولا يصدر عنه إلا الحق، فإما إلى جنة وإما إلى نار.
قال تعالى: ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ﴾ [غافر: ٧٨] أي: يوم القيامة والعرض على الله ويوم البعث والنشور والحساب يخسر هناك المبطلون، الذين أبطلوا دينهم في الحياة الدنيا وجاءوا بالباطل، وكذبوا الحق وافتروا عليه عندما جاءهم، وأتوا بالباطل وما لم ينزل الله، فهؤلاء هم المبطلون الذين أتوا بالباطل وابتعدوا عن الحق وكذبوا به، والذين سيخسرون إذ ذاك يوم القضاء وإعلان الحق والفصل بين الخلائق، فسيكسب ويفوز الكل إلا الذين أتوا بباطل، والباطل الشرك بالله والكفر به وعصيانه، وهم يعتقدون أن الله جل جلاله وعلا مقامه له ثان وثالث من ولد وبنت وصاحبة وصاحب، تعالى الله وجل عن كل ذلك، فهو الأول والآخر، وهو الفرد الصمد الواحد الأحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله.


الصفحة التالية
Icon