تفسير قوله تعالى: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده)
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ [غافر: ٨٤].
لما جاء البأس والبلاء والغرغرة بالموت والعذاب ورأوا واقعاً مشهوداً ما كان غيباً أرادوا الإيمان، وقالوا: أمنا بالله وحده، وكفروا بالشركاء؛ كفروا بالثاني والثالث وما كانوا يعبدونه في دار الدنيا، وكفروا بما كانوا يشركون به، فكفروا بعيسى وبـ مريم وبالعزير وبالأصنام، ولكن هيهات هيهات، فالآن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل حال حياتها، أو كسبت في إيمانها خيراً، والإيمان عند الغرغرة قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام: (لا ينفع نفساً لم تكن آمنت قبل أن تغرغر).
فإذا وصلت الروح إلى الحلقوم وأخذ يغرغر ويحشرج بالروح، فهيهات هيهات؛ لأنه في ذلك الوقت يكون قد رأى الملك، ورأى الجنة والنار، وما كان إيماناً بالغيب أصبح يراه شهوداً، وهو أمر أن يؤمن بما أنزله الله في كتابه وفي سنة رسوله، فإن كذب ذلك كان كافراً مشركاً.
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ [غافر: ٨٤] أي: عذابنا ونقمتنا وموتنا وقد وصلت الروح إلى الغرغرة والحلقوم، ﴿قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ [غافر: ٨٤].


الصفحة التالية
Icon