تفسير قوله تعالى: (واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً)
قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا﴾ [مريم: ٨١ - ٨٢].
يقول تعالى عن هؤلاء الكفار: سيكفرون يوم القيامة بعبادتهم، أي: المعبودون من الشياطين والإنس والملائكة والأحجار والأوثان كلهم سيتبرءون من هؤلاء العابدين، فيقولون: ما أمرناهم ولا طلبناهم ولسنا لأحد بآلهة، إنما نحن خلق الله وصنعه.
فقوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾ [مريم: ٨١] أي: أشركوا بالله في دار الدنيا، فمنهم من عبد الملائكة، ومن عبد الجن، ومن عبد الإنس، ومن عبد الحجارة، وكلُّ عبد ما شاء له هواه واتخذ إلهاً له.
قوله: ﴿ليَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ [مريم: ٨١] أي: أرادوا أن يعتزوا بهم، وأن يأخذوا بهم سلطاناً، وأن يتعاظموا بهم على خلق الله وهيهات، إن هي إلا عقول أضلها بارئها، والشرك لا يحفظ للإنسان عقلاً؛ لأنهم عبدوا حجارة وخلقاً لا يضرون أنفسهم ولا ينفعونها، فكيف يريدون منها الاعتزاز؟! قال تعالى: ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم: ٨٢] أي: سيكفرون يوم القيامة بعبادتهم، فيقولون لهم: ما طلبناكم في عبادة ولا كلفناكم بعبادة، ولسنا المعبودين، فالمعبود هو الله الخالق وحده، ونحن عباد من عباده، فقد أكرمنا سبحانه بالتوحيد، فكوننا نطلب أن يعبدنا أحد فهيهات هيهات، فتلك افتراءاتكم وأكاذيبكم وخزعبلاتكم ما أنزل الله بها من سلطان.
قال تعالى: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم: ٨٢] أي: ويكون هؤلاء المعبودون من دون الله أضدادهم وأعداءهم وخصومهم المحاربين لهم المشوهين سيرتهم، وهكذا يوم القيامة يبين الله الحقائق بعد أن أنكر هؤلاء الكفار الإيمان بالغيب، ورسالات الرسل، وكتبه سبحانه التي أنزلها على عباده المصطفين الأخيار.