معنى قوله تعالى: (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر)
قال الله تعالى: ﴿لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧].
أي: يا هؤلاء! الذين فقدوا عقولهم وأديانهم كيف تسجدون وتعبدون خلقاً مثلكم؟ وكيف تعبدون ما لا يضر ولا ينفع؟ أليس الأولى أن تعبدوا خالق الشمس والقمر، وخالق كل ما كبر في صدوركم وأعينكم.
وقد وجد في القديم من يعبد الشمس، ولا يزال هناك إلى اليوم من يعبدها كذلك، فدولة اليابان التي عدد سكانها ما يزيد على مائة وعشرين مليوناً تعبد الشمس، وقد رأيناهم في سفنهم وبواخرهم يتحرون الشمس عند طلوعها وعند غروبها ونتفرج على ضياع عقولهم، وقد ركبنا معهم في أيام الطلب فكانوا يأتون عند طلوع الشمس ويتحركون حركات من ركوع ويتمتمون ويهمهمون ويتكلمون بكلام لا يُفهم، ويعودون لمثل ذلك عند غروبها، فازددنا حمداً لله وشكراً له على أن وفقنا لعبادته، فهو خالق الشمس والقمر.
وقد قص الله علينا في كتابه في قصة الهدهد لما تفقده سليمان عليه السلام ثم حضر فقال: ﴿وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: ٢٤].
فقد كانت عبادة الشمس في جزيرة العرب في أرض اليمن، ولكن الله طهّر جزيرة العرب منذ أرسل لها سيد البشر صلى الله عليه وسلم، فتركوا عبادة الأوثان وعبادة الخلق إلى عبادة الله الواحد، ثم نشروا دين الله خارج الجزيرة، فاهتدى من قضى الله في أزله هدايته وبقي في الضلال من لم يوفقه الله للهدى والإيمان.
قال تعالى: ((لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ))، أي: فلتكن عبادتكم وسجودكم لله خالق الشمس والقمر.
((إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ))، أي: إن كنتم تريدون عبادته وكنتم مؤمنين به، أما إن كانوا وثنيين مشركين فليسجدوا لما شاءوا، فالعذاب خلفهم والحساب يتبعهم.


الصفحة التالية
Icon