تفسير قوله تعالى: (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير)
قال تعالى: ﴿لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ﴾ [فصلت: ٤٩].
الكلام هنا على الإنسان الكافر، ((لا يَسْأَمُ)) أي: لا يمل من طلب الخير، وهي الدنيا والحظوظ والمال والنساء والأولاد ودوام العافية والصحة، هذا لا يمل منه ولا يسأم من طلبه والضراعة فيه.
((وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ))، أي: وإن أصيب بمرض من موت أولاد أو هلاك مال أو ذل وهوان، أو أي شيء يصيبه من الشر ((فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ))، أي: ييأس من روح الله ورحمته، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، فلا يضرع إلى الله ضراعة الموحد المؤمن؛ ليرفع عنه ما ابتلاه به، وإنما هو كما قال الله: ((فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ)) يقنط من الدعاء ومن الرجاء؛ لأنه بنى كيانه ووجوده على الشرك والكفر وتعلق بالشركاء، وهيهات، فهم ما نفعوا أنفسهم حتى ينفعوه، وإنما هو يتعلق بالأوهام والأباطيل التي لا تنفع، وإنما هي أوهام متوهمة لا حقيقة لها في الواقع.
ويئوس وقنوط على صيغة فعول، وهي من صيغ المبالغة، أي: كثير اليأس والقنوط والملل والتبرم في حياته، ويتمنى لو كان هذا الشر قضى على حياته وعلى وجوده؛ لعله يستريح من ذلك الذل والمرض والضياع، ولكن هيهات هيهات، فالكافر ما لم يؤمن ويتوب فستبقى حاله في الدنيا في ضلال وفي بوار، وفي الآخرة في عذاب مقيم دائم.


الصفحة التالية
Icon