تفسير قوله تعالى: (فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون)
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ [الزخرف: ٥٠] استجاب الله لموسى دعاءه فكشف عنهم العذاب، ولكنهم مع ذلك نكثوا العهد وغدروا فلم يهتدوا ولم يؤمنوا ولم يسلموا، وهكذا دواليك عند كل بينة وعند كل معجزة وعند كل آية وكل نقمة، والله نوع المعجزات على يد موسى، فيأتون جائرين طائعين باكين واعدين بأنهم سيعودون من الكفر والشرك إلى الإيمان والهداية، فما يكاد الله يرفع ذلك عنهم حتى يعودوا إلى الكفر والعصيان والجحود والطغيان.
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ * وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ﴾ [الزخرف: ٥٠ - ٥١]، ازداد فرعون تكالباً ونقمة وعناداً على موسى نبي الله؛ وذلك لأنه وصفه بأنه كافر وكاذب ومدع، فرأى فرعون أن هذا شيء عظيم لا يكاد يقبل فهو بجيوشه وبحكمه وبقصوره ويرى لنفسه مقاماً ودرجة ليس لموسى منها قليل ولا كثير.
وهكذا تزعم العقول عندما ينتزع منها نورها وفهمها وإدراكها فتفسر الأشياء بالمقلوب، حيث تفسر الكفر إيماناً والإيمان كفراً، والضلالة هداية والهداية ضلالة، والنور ظلاماً والظلام نوراً.
وإذا بـ فرعون ينادي قومه بعد كل ذلك وأخذ يحتج على ألوهيته بالكذب والدجل، وفي الاستدلال على الألوهية بسخافات لا يقبلها ولا يقولها إلا مجنون.


الصفحة التالية
Icon