تفسير قوله تعالى: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم)
قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف: ٨٤].
أي: هو الله إله في السماء معبود، وإله في الأرض معبود، لا ثاني له لا في أرض ولا في سماء، فهو الإله الخالق الرازق المعبود في السماء والأرض، ليس هناك من إله ولا رب سواه كما زعم المبطلون والمشركون، بل هو رب السماوات ورب الأرض وما بينهما من أفلاك ومن خلق مما لا يعده ولا يحصيه إلا الله من هذه المجرات التي نراها فوقنا وهي أكبر من الأرض بمرات، والقليل منها أصغر من الأرض، أو قريب منها كالقمر مثلاً، فهي بملايين لا يحصي عددها إلا الله، والذي تدل عليه النصوص أن في هذه الأفلاك والمجرات خلقاً من خلق الله لا يعلم شكلهم ونوعهم إلا الله، وكلهم أمروا بطاعة الله ووحدانيته؛ ولذلك فإن الله يقول عن ذاته العلية: هو إله من في السماء وإله من في الأرض، وهو الرب المعبود لما بين السماوات والأرض.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف: ٨٤] أي: الحكيم فيما يخلق، والذي يضع الأمور مواضعها بما يصلح العباد في دنياهم وأخراهم، فيما لا يدركون له كنهاً، فالبعض لا يصلحه إلا الفقر، والبعض لا يصلحه إلا الغنى، والبعض لا يصلحه إلا طول العمر، والبعض لا يصلحه إلا قصر العمر، وكما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (إن لله عباداً لا يصلحهم إلا الفقر، ولو أغناهم لأفسدهم، وإن لله عباداً لا يصلحهم إلا الغنى، ولو أفقرهم لأفسدهم).
وكما يقال: لو كشف لنا الغطاء لوجدنا أن ما صنعه الله بنا وصنعه بخلقه هو عين الحكمة وعين الصواب، فهو عليم بخلقه، والعليم بما يصلح هؤلاء الخلق في معاشهم وفي معادهم، وفي أرزاقهم، وفي بيئتهم، وفي مجتمعاتهم.


الصفحة التالية
Icon