تفسير قوله تعالى: (رحمة من ربك إنه هو السميع العليم)
قال تعالى: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الدخان: ٦].
أرسل الله بهذا الكتاب محمداً ﷺ رحمة للعباد، وهذا يؤيده قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧] من الجن والإنس، حتى الكافر هو رحمة له، فلا يأخذه دون أن يترك له فرصة للعبادة، فلعله يوماً يتعظ ويقول: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، ولعله يخرج منه ولد صالح يقول: (لا إله إلا الله) فذلك من رحمة الله بالكافر، ومع كفره يرزقه الله ويصحه ويعطيه الولد ويرزقه الزوجة، كل ذلك من الرحمة، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧].
وقال عليه الصلاة والسلام عن نفسه: (إنما أنا رحمة مهداة)، فلنشكر الله على هديته، ولندع الله تعالى أن نثبت على الإيمان بربنا والإيمان بنبينا صلى الله عليه وعلى آله.
قال تعالى: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الدخان: ٦]، فكان نزول القرآن على قلب محمد عليه الصلاة والسلام رحمة من الله ورأفة بعباده وإكراماً لخلقه وإحساناً إليهم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الدخان: ٦] هذه صفة من صفات الله ونعوته الكريمة، وفي نفس الوقت هي إنذار وتهديد، أي: أن الله أنزل القرآن وأرسل به محمداً ﷺ رحمة، وهو السميع لإيمان المؤمن وكفر الكافر، وهو العليم بقوله، وهو العليم بعمله.
فيا سعد من قال كلمة التوحيد وآمن بها ومات عليها، ويا شقاء من أنكرها ومات على إنكارها، وهو تعالى العليم بحال عباده، وبمن آمن وأخلص في إيمانه، وبمن كفر وأصر على كفره!


الصفحة التالية
Icon