تفسير الدخان بما نزل بكفار قريش
قال تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان: ١٠ - ١٢].
الارتقاب: الانتظار، أي: انتظر - يا رسولنا - يوم تأتي السماء بدخان يغشى الناس ويغمرهم ويغطيهم، فلا يكاد أحد يرى أحداً؛ لكثرة هذا الدخان وغشيانه الناس والخلق، فيملأ ما بين السماء والأرض، إذا أخرج الرجل يده لم يكد يراها، فيقول هؤلاء الناس: هذا عذاب مؤلم، وهذا هو العذاب المخزي، وهذا هو العذاب الذي لا يحتمل ولا يقاوم.
وقد ذهب ابن مسعود، - وروي عن ابن عباس - إلى أن هذا الدخان قد كان نزل بقريش عندما دعا عليهم النبي عليه الصلاة والسلام بأن يصيبهم الله بسنين كسني يوسف، أي: يبتليهم بسنوات من الجوع والقحط، وسنوات من المرض والشقاء، فاستجاب الله دعاءه، فمرض هؤلاء وجاعوا وابتأسوا وعجزوا عن إصلاح أنفسهم، فأخذوا يستغيثون ويستجيرون، واشتد بهم البلاء والجوع حتى كانوا يرون الفضاء دخاناً نتيجة جوعهم ومرضهم وبؤسهم، حتى جاء كبيرهم أبو سفيان بن حرب إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد! جئت بصلة الرحم، وهأنت ذا تدعو على قومك، فادع الله لهم أن يرفع عنهم ما هم فيه، فدعا رسول الله ﷺ ربه فزالت سنوات القحط والجوع والبؤس وعاد عليهم الخير العميم والأرزاق الدارة.
قال تعالى: ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان: ١٢] فطلبوا من الله أن يكشف عنهم عذاب الدخان، وعذاب الجوع وعذاب القحط، فدعا لهم رسول الله بزوال ذلك وزعموا أنهم سيؤمنون فقالوا: ﴿إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان: ١٢]، ولكنهم وعدوا بذلك ولم ينجزوه، ولم يصدقوا فيه، وقالوا: إنا عائدون، وكانت العودة إلى الكفر والشرك ولم تكن إلى الإيمان، وإنما كان الإيمان قولاً.
فهذا قول ابن مسعود في تفسير الآية.