تفسير قوله تعالى: (إنا كاشفو العذاب قليلاً)
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ [الدخان: ١٥].
هؤلاء دعوا الله من قبل فقالوا: ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان: ١٢] أي: يسألونه أن يكشف عنهم عذاب الدخان الذي دخل في خياشيمهم وفي آذانهم وفي أعينهم، أي: اكشف عنا هذا، فنؤمن بك، ونؤمن برسالتك، ونؤمن بالكتاب الذي أنزلت على رسولك.
فاستجاب لهم، فقال لهم: ﴿إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا﴾ [الدخان: ١٥] سنكشف عنكم هذا العذاب مدة قليلة؛ لنرى صدق قولكم من كذب ادعائكم.
والله هو بهم أعلم، ولكن لتكون الحجة البالغة لله عليهم، لذلك استجاب لدعائهم، وقد يستجيب الله لدعاء الكافر، ليكون ذلك زيادة في الحجية وزيادة في الانتقام والعذاب فيما إذا لم يف بالعهد وبالوعد.
فعندما طلبوا رفع العذاب أجاب الله ذلك فقال: ﴿إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ [الدخان: ١٥]، أي: سنكشف عنكم العذاب فترة من الزمن، ولكننا مع ذلك نعلم أنكم عائدون إلى الكفر، وراجعون إلى ما زعمتم أنكم تبتم منه، وعائدون إلى الكفر بالله والكفر برسوله والكفر بكتابه، ولكن بعد ذلك سيكون الانتقام الذي لا يبقي ولا يذر.


الصفحة التالية
Icon