تفسير قوله تعالى: (فلما أتاها نودي يا موسى)
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى﴾ [طه: ١١].
أي: لما وصل إلى هذه النار، ورأى ما رأى كما ذكرنا، وإذا به يسمع اسمه ينادى به: يا موسى، يا موسى! فقال: من يناديني فإني أسمع الصوت ولا أرى المنادي؟ فقال: أنا فوقك، وأنا معك، وأنا أمامك، وأنا من خلفك، وأنا بين يديك! فقال: ذاك الله، ولا يليق هذا الوصف إلا به.
وإذا بالله يقول له: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ [طه: ١٢].
وعندما سمع النداء كان كله آذاناً صاغية منتبهاً لمن يناديه، وما الذي يراد منه، فقول الله جل جلاله: ﴿أَنَا رَبُّكَ﴾ [طه: ١٢] أي: المنادي هو الله ربك، ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [طه: ١٢].
وورد عن النبي ﷺ أن سبب أمره من الله بخلع نعليه أن نعليه كانتا من جلد حمار ميت لم يذكَّ.
وقيل: لقدسية المكان وطهارته، ولذلك وصف الله المكان بعد ذلك: ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [طه: ١٢].
وذكر هذا بعد قوله: (اخلع نعليك) يدل على أن خلع النعلين لم يكن لأن النعلين لم تذكيا، ولا لأنهما من جلد حمار، ولكن لطهارة المكان، كما إذا دخلنا إلى جوف الكعبة يجب أن نخلع النعال.
قوله: ﴿طُوًى﴾ [طه: ١٢] هو اسم الوادي، قرئ: (طوىً) بالتنوين (وطوى) بلا تنوين على أنه ممنوع من الصرف؛ لأنه معدول عن (طاو)، كعمر عن عامر وزفر عن زافر.