تفسير قوله تعالى: (واترك البحر رهواً إنهم جند مغرقون)
قال تعالى: ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُغْرَقُونَ﴾ [الدخان: ٢٤].
فقال الله له: (اترك البحر رهواً) أي: ساكناً على حاله، أي: لا تحركه.
ومعنى ذلك أنه أمر موسى بأن يشق البحر بعصاه، وسيفتح الله له طريق يبساً فيه، فكان الأمر كذلك، فخرج موسى ومعه ستمائة ألف إسرائيلي وزيادة، فلما شق لهم البحر بعصاه اتبعوه، وأصبح هذا الجانب حائطاً من الماء والآخر حائطاً من الماء، وهم بين هذا الحائط وهذا الحائط في قعر البحر.
فقال الله له: (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا)، أي: لا تضربه بعصاك فيعود الماء إلى مكانه؛ لأنه لو وقع ذلك لما دخل فرعون وقومه البحر، ولا يستطيعون، والله يريد أن يعاقبهم في مسيرهم وفي تحركهم هذا.
فامتثل موسى أمر ربه، فترك البحر رهواً ساكناً جامداً لم يحركه، وخرج منه إلى الشاطئ الآخر، فجاء فرعون وقومه مسرعين مجدين على خيلهم ودوابهم وما معهم من آلة الخراب والدمار، فجاء ومعه جنده، فوجدوا البحر مفتوحاً ووجدوا الأرض يبساً، ووجدوا حائطاً من يمين وشمال، فظنوا أن هذا ما فتح لموسى إلا وسيفتح لهم كذلك، فدخلوا هذه الطريق إلى أن أصبحوا جميعاً فيه، وإذا بالله الجليل يأمر البحر أن يلتقي جانباه وحائطاه، فغرق فرعون وقومه أجمعون.
ففقدوا الأنفس، وفقدوا الملك، وفقدوا الإلهية الكاذبة، فتم عقاب الله عليهم وكان النصر للمتقين، ولجند الله من الأنبياء والمرسلين.


الصفحة التالية
Icon