تفسير قوله تعالى: (ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين)
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الدخان: ٣٠ - ٣١].
يذكر الله جل جلاله أنه امتن على عباده المؤمنين بني إسرائيل بأنه نجاهم من عذاب مهين أليم موجع، يوم كانوا مستعبدين للفراعنة، ومستعبدين للأقباط، تقتل ذكورهم، وتستحيا نساؤهم، ويحملون ما لا يطاق حمله من الأثقال والمشقات والعذاب المهين.
يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [الدخان: ٣٠] أي: أنقذناهم وأبعدناهم عن العذاب الأليم الكائن من فرعون.
قوله تعالى: (مِنْ فِرْعَوْنَ) بدل، فكان العذاب المهين هو فرعون، وكان العذاب المؤلم الموجع هو فرعون، وقد ورد في القرآن في قصص بني إسرائيل مع فرعون، وقصص موسى وهارون كذلك ما فيه جميع أنواع البلاء والعذاب والامتهان من فرعون وقومه لبني إسرائيل.
فيذكر الله هذا للمؤمنين، ليعلموا أنهم إن استمسكوا بإيمانهم وداوموا عليه ينجهم الله من كل محنة ومن كل عذاب، كما أنجى من كان قبلهم ممن عذب وأوذي.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الدخان: ٣١].
أي: كان مستعلياً في الفساد، وكان متكبراً متجبراً متعالياً بالطغيان، وبالظلم والفساد، والتألي على الله، ودعوى الإلهية، وإن هو إلا عبد مجرم آثم ظالم، فكل دعوى ادعاها كانت وبالاً عليه وعلى قومه.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الدخان: ٣١]، أي: من الذين أسرفوا على أنفسهم فساداً وظلماً وطغياناً وتجبراً، بحيث تجاوزوا الحد بالظلم والاعتداء والطغيان، فاستحق هو وقومه عذاب الله ونقمة الله، وقد فعل.