معنى قوله تعالى: (ولكن أكثرهم لا يعلمون)
قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الدخان: ٣٩].
أي: أكثر الناس، ولم يقل: أكثر الخلق، فأكثر الناس مشركون، وأكثر الناس كافرون، فلم يذكر الله ويسبح الله ويعبد الله إلا فئة قليلة من الأمم السابقة، وقليل من الأمم اللاحقة، فهذا معنى قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦]، فأكثر من في الأرض كفرة، وأكثر من في الأرض مشركون، وإياك إياك أن تغتر بالأكثرية والأقلية.
ولذلك كان من النظم اليهودية في الأرض أن يجعلوا للناس والشعوب ما يسمى بـ (دور ندوة)، وما يسمى بـ (دور شورى)، وما يسمى بـ (برلمانات)، فقالوا: الحكم بالأكثرية، فيأتي الحاكم ويعرض على هؤلاء قوله: هل من الضروري أن يكون دين الدولة الإسلام؟! فإذا قال الأكثر: لا.
فقد أعلنوا الكفر وألغوا الإسلام، وهم في الأصل ينتخبون ويختارون كل كافر، وكل فاسق وكل جاهل، فيجري على دينهم على منوالهم ويفعل فعلهم، ويقول قولهم.
فلو جاءك سكان الأرض كلهم وقالوا لك: دينك ليس بصحيح، فهل تقبل كلامهم؟! فإن قبلته كنت مشركاً كافراً، وما الفرق بينك وبين أمتك وشعبك، حتى يعرض عليهم فيما يسمى بـ (البرلمان) اختيار دين دولة.
والأكثرية هي نظام يهودي؛ لأن الأكثرية جاهلة أمية ضالة لا تكاد تعي، ولا تكاد تسمع، ولا تكاد تنظر، فإذا أنت عرضت الأمر على هذه الأكثرية الجاهلة الضالة، فما عسى أن تجاب به؟! خاصة إذا كان معك عصاً أو كان معك مال أو منصب، أو جاه، فسينقادون إليه رغباً أو رهباً، وأمة تساق رغباً ورهباً أمة ضائعة ضالة لا تعي ما تقول ولا ما تعتقد، ومن هنا كان نظام البرلمانات فيما يسمونه بـ (الديمقراطية) نظاماً وثنياً يهودياً جعلوه لحرب الإسلام والمسلمين.
ونحن نرى شعوباً مسلمة عاشت مسلمة قروناً منذ عصر الصحابة، ثم تهودت ودانت بدين اليهود، وباعت أرضها لليهود، فإذا أنزل أمر قالوا: لنعرض الأمر على (البرلمان)، فإن وجدوا بعض المخالفة، حلوه وأتوا بآخرين أكثر طواعية وأكثر استسلاماً وأكثر استعباداً، فعند ذلك يعلنون أن ما صنعوه هو شيء شعبي ديمقراطي، أقرتهم عليه نظمهم المعاصرة المتحضرة، وما ذلك إلا من وحي الشياطين ومن كفر الكافرين ومن ضلال الضالين وكما قال ربنا جل جلاله عن فرعون: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ [الزخرف: ٥٤] فأطاعوه على الكفر.


الصفحة التالية
Icon