تفسير قوله تعالى: (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين)
قال تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الدخان: ٤٠ - ٤٢].
يوم الفصل هو يوم القيامة، يوم العرض على الله، يوم يفصل بين العباد، فهذا محق وهذا مبطل، وهذا مؤمن وهذا كافر، وهذا إلى الجحيم وهذا إلى الجنة، وهذا إلى الرحمة والرضا، وهذا إلى اللعنة والغضب، وسماه الله تعالى يوم الفصل لأنه يفصل فيه بين العباد.
وقوله تعالى: ﴿مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الدخان: ٤٠] أي: وقت اجتماعهم، ووقت الحكم بينهم، ووقت الفصل بينهم، ووقت معرفة الجاهل وتأكد العالم، فهذا اليوم يجمع الله فيه المؤمن والكافر، والمهتدي والضال، والشاك والموقن.
قال تعالى: ﴿يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا﴾ [الدخان: ٤١]، المولى هو النصير والصديق والحميم، والقريب من أخ وابن عم، أو أب وأم، أو ولد.
قال تعالى: ﴿لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا﴾ [الدخان: ٤١] أي: لا يستطيع قريب ولا صديق أن يغني عن قريبه من عذاب الله ولعنته، ولا يستطيع شفاعة ولا حماية قريبه وإنقاذه من النار، ولن يملك له شيئاً، ولن يستطيع أن ينفعه بشيء إن جاء كافراً.
وقوله تعالى: ﴿وَلا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [الدخان: ٤١] أي: ولا يجدون من ينصرهم من عذاب الله، ومن المقت والغضب، بل يتركون لأعمالهم، فأعمالهم إما أن تنقذهم من النار، وإما أن تدفعهم إليها دفعاً، وإما أن تخلدهم فيها خلوداً، ولا ناصر إلا الله، ولا ينصر الله إلا من كان مؤمناً موحداً، جاء بعمل صالح، وأما سواه فلا ينتظر رحمة، ولا ينتظر شفاعة.
قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الدخان: ٤٢].
فهؤلاء الذين يأتون أجمعين، فيهم البر والفاجر، وفيهم المؤمن والكافر، فمن كان كافراً مجرماً فلا ينتظر رحمة، ولا ينتظر نصرة، ولا ينتظر ولاءً.
ولكن من رحمه الله يكون قد جاء مؤمناً ومات على التوحيد، ومات على الإسلام، ومات على (لا إله إلا الله محمد رسول الله)؛ فهؤلاء يرحمهم الله، فإما أن يغفر الله لهم، وإما أن يمحصهم وقتاً وزمناً الله أعلم بطوله وقصره، وبعد ذلك يدخلون الجنة ويرحمهم الله.
﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الدخان: ٤٢]، فهو ربنا العزيز الذي لا ينال.


الصفحة التالية
Icon