تفسير قوله تعالى: (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم)
قال تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان: ٤٤ - ٤٦].
شجرة الزقوم هي شجرة في جهنم لو قطرت منها قطرة على أطعمة الأرض ومياه الأرض لجعلتها من المرارة بحيث لا يستطيبها إنسان ولا طير ولا حيوان.
وهذا الزقوم الذي هو بهذه المرارة وهذه الشدة يكون معه الماء الحميم، والماء الحميم هو الذي بلغ أقصى درجات الحرارة، فلو صُب منه على الرأس لذاب العظم قبل أن يذوب المخ، ولا غنى لهم عنها، فإذا جاعوا، فالزقوم طعامهم، وإذا عطشوا فالحميم شرابهم.
ولما سمع أبو جهل بخبر الزقوم قام يهزأ ويقول: هي شجرة عندنا هنا ترعاها الإبل والدواب.
فذل في غزوة بدر وقتل شر قتلة، حيث وضع ابن مسعود قدميه على صدره، وفصل رأسه عن جسده وهو يقول له: لقد علوت وصعدت مكاناً لا يليق بك أن تصعده، وهيهات هيهات، فـ ابن مسعود عبد لله كريم على الله، وأبو جهل عبد عاق كافر مشرك طالما تألى على الله وطالما كان قليل الأدب مع رسول الله، فعاش كافراً ومات كافراً ليحشر مع فرعون وهامان وقارون وأمثالهم.
يقول تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ﴾ [الدخان: ٤٣ - ٤٤] فهي الطعام الذي يأكله الأثيم، والأثيم: الآثم مرتكب الآثام، أي: المجرم الذي لا يعرف في حياته وعمره إلا الإثم والمخالفة والعصيان.
قال تعالى: ﴿كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان: ٤٥ - ٤٦].
(كَالْمُهْلِ) أي: كالزيت الأسود الذي يبقى في قعر الإناء الذي فيه الزيت، فالزقوم هو بهذا الشكل مع المرارة التي لا يطيق تذوقها أحد، ولكنهم لا غنى لهم عنه، حيث يجوعون ويشتد جوعهم، فيستطعمون فلا يُقدم لهم الملائكة إلا هذا الزقوم، فنعوذ بالله ونستغيثه من عذابه ومن نقمته.
﴿كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ﴾ [الدخان: ٤٥]، أي: فتكون حامية شديدة الحرارة تنزل في البطن فلا تزال تغلي فيه حتى تسقط وتخرج الأمعاء والكرش وما يوجد في البطن نتيجة هذه الحرارة التي تذيب كل ذلك.
فقوله تعالى: ﴿كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان: ٤٦] أي: كما يغلي الماء الحار في أقصى درجات الحرارة.