تفسير قوله تعالى: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق)
قال تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: ٦].
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾ [الجاثية: ٦] أي: تلك -يا رسول الله، ويا أيها المؤمن- آيات من آيات الله ذُكرت لك، فخلق السماوات والأرضين، وخلق الإنسان، وخلق الدواب، وإنزال الأمطار، واختلاف الليل والنهار، وتصريف الرياح، كل ذلك آيات بينات وعلائم واضحات ودلائل قاطعات على وحدانية الله.
وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ٦] أي: تلك آيات الله، وتلك قدرة الله، وتلك إرادة الله، وتلك الدلائل القاطعة على معرفة الله بوحدانيته وقدرته وأنه لا شريك له.
﴿نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾ [الجاثية: ٦] نقرؤها عليك، وننزلها عليك بالحق الذي لا باطل فيه، والذي لا ينكره إلا مبطل، متلاعب، مشرك، بعيد عن النور والحق.
قال تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: ٦] فإذا لم يؤمنوا بهذه الآيات المتلوة نهاراً وليلاً؛ فما هي الآيات التي سيسمعونها، أو الآيات التي سيؤمنون بها، أو الآيات التي سيرونها الدلائل القاطعة التي تحتاج إلى إيمان وإلى استمساك وإلى معرفة.
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: ٦]، فبعد هذا الذي تلاه الله في الكتاب، وقرأه رسول الله ﷺ آيات هي أعظم من هذه، وهي أشمل من هذه، وهي أقوى دليلاً من هذه؟! والاستفهام إنكاري توبيخي، أي: ليس بعد هذه الآيات آيات، ولا بعد هذه الأدلة أدلة، ولا بعد هذه البراهين براهين، ولا بعد القرآن كتاب الله كتاب يمكن أن يؤمنوا به، وقد كفروا بهذا القرآن، كفروا به متلواً، وكفروا به مسموعاً، فما زادهم جماله وبيانه إلا الخسران والعصيان والتمرد.
فقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: ٦] استفهام إنكاري صريح، أي: إذا لم يؤمنوا بهذه الآيات البينات فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بعد كلام الله ودلائل قدرة الله، ورسل الله وما أتوا به من بينات، وبأي دليل، وبأي كتاب، وبأي رسول سيؤمنون بعد هذا إذا أنكروه وكفروا به؟!