معنى قوله تعالى: (ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)
وقوله تعالى: ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ [الجاثية: ١٢] أي: من التجارة، ومن المكاسب، ومن السياحة، ومن طلب العلم، ومن صلة الأرحام، ومن نشر دين الله، ونشر علم الله، ونشر رسالة الله.
وكل ذلك قد حصل، فبواسطة البحار انتشر دين الإسلام، وانتشر الفاتحون من جند الإسلام من أراضي السند شرقاً إلى فرنسا غرباً، وبكل ذلك بشّر المصطفى ﷺ عندما أخبر بأن الله جل جلاله كشف له عن الأرض التي تفتح لأمته، فكشف له عن المغرب، وعن المشرق، وعن الهند، وعن السند، وعن بلاد العجم، وعن بلاد الفرس، وعن بلاد الروم، وبحار خاضها الدعاة إلى الله بالسفن، وخاض بعضها بعضهم سباحة، واستشهد من أكرمه الله بالشهادة فيها، وما رد ذلك مجاهداً عن جهاده ولا عن دعوته.
وكل ما ذكر من الدعوة والجهاد في سبيل الله مما بشِّر به ﷺ في حياته، ولم يفتح في حياته إلا جزيرة العرب، فدخل العرب جميعاً في دين الإسلام، ودانوا بكلمة (لا إله إلا الله)، ثم كانوا رسل رسول الله إلى الدنيا كافة، فابتدأ الفتح من أيام الخليفة الأول أبي بكر، ثم مات رضي الله عنه، فأتم العمل ذلك الضرغام الأسد عمر بن الخطاب، فهو الذي أتم الفتح وفتح الكثير من البلاد التي لا يزال أهلها مسلمين إلى يومنا هذا.
وقوله تعالى: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الجاثية: ١٢] أي: لعلكم تشكرون الله على نعمه التي منها تسخير لكم هذا البحر والسفن التي تجري عليه بما تريدون من معان كسبية مادية، ومن معان روحية في نشر دين الله ونشر العربية لغة كتاب الله ولغة نبي الله، فكم من أقطار لم تكن كذلك، فأصبحت عربية بالإسلام، وأصبحت العربية لغتها الأصيلة لا تعلم لغة سواها.