معنى قوله تعالى: (قل الله يحييكم ثم يميتكم)
قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ٢٦].
أي: قل يا رسول الله لهؤلاء المبطلين: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [الجاثية: ٢٦] لا دهر ولا عمر ولا عصر ولا دنيا، فالدنيا مخلوقة، والدهر مخلوق، والأعمار كذلك، والله وحده المحيي المميت، ليس الأمر كما زعمتم أنه ما هي إلا الحياة الدنيا وما يهلككم إلا الدهر، بل الله المحيي المميت المهلك.
فقل -يا رسولنا- لهؤلاء وعلمهم وهذّبهم وأصلح ألسنتهم وأصلح عقائدهم ﴿اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [الجاثية: ٢٦] أحيانا وقد كنا عدماً، فأين كنا قبل مائة عام؟! وأين من كان في الدنيا قبل مائة عام؟! لقد كنا عدماً وكنا أمواتاً فأحيانا الله وأخرجنا إلى هذا الوجود، خلقنا من ذكر وأنثى، كما خلق أبانا آدم من تراب وأمنا حواء من ضلع من أضلاعه، وخلق عيسى من أم بلا أب، وخلق سائر الخلق من ذكر وأنثى.
قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [الجاثية: ٢٦] وهذا شيء نراه بعين الواقع، فأين آباؤنا؟! وأين أجدادنا؟! وأين كبارنا؟! لقد ماتوا ولن يعودوا، وبادوا فيمن باد، وهذه الطريق طريقنا ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦ - ٢٧] فمن فعل ذلك؟ ومن المحيي من المميت؟ إنه الله جل جلاله.