تفسير قوله تعالى: (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته)
قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ [الجاثية: ٣٠].
أي: هذا الكتاب هو على شعبتين: شعبة لكتابة أعمال الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وشعبة للذين كفروا ولم يعملوا صالحاً يوماً.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الجاثية: ٣٠] أي: آمنوا بالله لساناً، وأيقنوا جناناً، وعملوا بالجوارح وتمسكوا بـ (لا إله إلا الله)، ومع كلمة التوحيد فعلوا الحسنات والصالحات، ومنها الأركان الخمسة: الصلوات الخمس، وصيام رمضان، والزكاة، وحج بيت الله الحرام، وكذلك ترك المنكرات ما ظهر منها وما بطن.
قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾ [الجاثية: ٣٠] والرحمة الجنة، ففي حديث مسلم في الصحيح: (أنت رحمتي أرحم بك من أشاء)، ورحمته إن كانت لرضاه فمؤداها الجنة، فلا تكون الجنة إلا بعد الرحمة.
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ [الجاثية: ٣٠] أي: ذلك هو الفوز الظاهر البين، ذلك هو النصر الواضح، ذلك هو النجاح الكامل، أن يقبل الله من عبده إيمانه وعمله الصالح بأن تسجّل ملائكته ذلك في كتاب مستنسخ عن اللوح المحفوظ، فمن وجد ذلك فقد فاز فوزاً عظيماً ونصر نصراً مبيناً وآب بالجنة، وآب بالرحمة والرضا، وذاك مما استنسخه ملائكة الله في الكتب التي أمروا باستنساخها، فهذا حال المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon