تفسير قوله تعالى: (وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم)
قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ [الجاثية: ٣١].
أي: يقال لهم: ﴿أَفَلَمْ تَكُنْ﴾ [الجاثية: ٣١] يستفهمون استفهاماً توبيخياً تحقيرياً، فيقال لهم: ﴿أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ [الجاثية: ٣١].
أي: ألم تكن آيات كتابي ودلائل وحدانيتي وبراهين قدرتي يتلوها علماؤكم عليكم؟! أفلم تسمعوها من المؤمنين؟! أفلم تتلوها في كتاب الله؟! أين كنتم إذ ذاك وآيات الله تتلى عليكم تقرع آذانكم، وتعلمكم دين ربكم؟! بل كانت حالتكم أن اسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ، استكبرتم عن الإيمان، وتعاليتم على الأنبياء، واطرحتم العلماء، ولم تسمعوا ما وجب عليكم استماعه من الإيمان بالله والإيمان برسله والعمل بكتابه.
فالله يقول لنا هذا ونحن لا نزال في دار الدنيا لنتعظ ولنخاف ونهاب، ولنجعل ذلك نذيراً لعلنا نعود إليه، ولعلنا نخاف مما خوفنا منه، ومع ذلك يأتي أكثر الناس يوم القيامة وقد كفروا بربهم، وأشركوا بوحدانيته، وكفروا بقدرته، وكذّبوا أنبياءه ولم يعملوا بما سمعوه من آيات، فتكون حجة الله البالغة عليهم ﴿أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ [الجاثية: ٣١] والإجرام هنا بالغ أعلاه وأقصاه، وهو الكفر والشرك بالله، استكبرتم عن الإيمان فكنتم مشركين كفرة بالله وثنيين.


الصفحة التالية
Icon